موقع تركمان حلب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

موقع تركمان حلب

سوريا بلدي و التركمان شعبي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 دفاعا عن الذئب في التاريخ التركي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تركمان السمعليل

تركمان السمعليل


عدد المساهمات : 162
تاريخ التسجيل : 16/09/2010
العمر : 52

دفاعا عن الذئب في التاريخ التركي  Empty
مُساهمةموضوع: دفاعا عن الذئب في التاريخ التركي    دفاعا عن الذئب في التاريخ التركي  Emptyالأربعاء ديسمبر 22, 2010 12:15 am

.. توطئة ...

.. من فجرِ التأريخ وحتى هذه اللحظة يشكل ُ الذئب ُ والنسرُ والعنقاء ُ وطائر الزمّرد والثور السماوي والجصان المجنّح والموهومات ُ المحيطة بالظواهر الطبيعية الغامضة في اساطير ِ الأمم ومعتقداتها وكأنها أصبحت جزءا ً أساسياً في قوام ِ حياتها وفي الذاكرة الجمعيّة لعقلها الباطن إنتقلت جيلاً بعد جيل الى الابناءلتشهد َ إحتفاء ً في مختلف ِ المدن المعمورة ولتُقام لها كرنفالاتاً ومهراجاناتاً ومجاضرات ودراسات وتحقيقات علمية لاتزال تترى الى يومنا هذا ، وقد إستلهم جميع ُ المجتمعات الإنسانية البدائية قاطبة ً وبدون إستثناء تلك الرموزات الحيوانية او الطبيعية بما تتلائم مع ظرفها الاجتماعي والجغرافي والتأريخي الخاص لتدخل َ لاحقا ً الى النسيج الإجتماعي والبُنيوي لحياة الناس كرموزات ٍ بالغة الدلالة ِ لحياتها الخاصة و لظرفها الموضوعي الإستثنائي ولمراحل ِ تطور معيشتها المدنيّة والاجتماعية التي يُمكن إجمالها بمراحل تبدأ مع :

( 1 ) مرحلة آنيميزيم ..
( 2 ) مرحلة طوطميزيم
( 3 ) مرحلة شامانيزيم
( 4 ) مرحلة تعدد الآلهة ..
( 5 ) مرحلة التوحيد ..

والجدير بالذكر بأن المراحل الثلاثة الأولى إختصرتها المجتمعات البدائية التركية في أواسط آسيا والآناضول وإختزلتها بالإعتقاد بقدسية ِ ( الذئب ) جنبا ً الى جنبٍ مع إعتقادات ٍ أخرى حافلة ً بالرموز الطبيعية وبأنواع الطيور والمخلوقات و الأشجار ومظاهر الكون المحيطة بحياتهم الجغرافية والإجتماعية بحيث تداخلت فيها المرحلة ُ الطوطمية والمرحلة ُ الشامانية بشكل ٍ خاص تداخلاً إستثنائيا ً في إعتقاداتهم الميثولوجية إنعكست لاحقا ً وبشكل واضح في آدابهم و فولكلورِهم وأمثالهم و حِكمهم حتى لهذه اللحظة ... !!

كما تجدر الإشارة أيضا ً بخاصيّة ٍ أخرى للمجتمعات التركية ، وبهاتين المرحلتين بالذات ، وهي إكتشافِهم الإيمان َ المطلق بربِّ الكون العظيم ( إله السماء ) الآوحد ( گوك – تانرىٌ ) الذي إكتسب إلتفاتة ً خاصّة من قبل الدارسين و المختصّين لميثولوجيا الشعوب مع إشادة ٍ إستثنائية عند مقارنتهم مع الشعوب والأقوام البدائية الأخرى التي مرت بتلك المراحل
وخصوصا ًبالمرحلة الطوطمية التي خصتها تلك الشعوب بالعبادات المتنوعة في حين إكتفت الشعوب ُ التركية بإتخاذ طوطم الذئب مجرد رمز مجازي مقدّس لأسباب تواجد هذا المخلوق بالتماس مع حياة الاتراك الغارقة بالصعاب ِ ومقارعة الأهوال والإرتحال المضني في متاهات ِ السهوب وأعالي الجبال المكلّلة بالثلوج ِ والضباب حيث نرى الذئب دليلا ً يصاحب الأتراك للخروج من المتاهة والضياع نحو الأماكن المأهولة ( أنظر – ملحمة أوغوزخان ) أو وسيطا ً بين الأرواح المقدّسة كما في ( مرحلة الولادة ) .. وفي كلتا الحالتين يبدو الذئب في قمّة ِ المجاز المادّي والمعنوي ، أو في أعلى درجات الواقع والأسطورة من خلال إنقاذه ِ للأتراك ِ وخيولهم ومتاعهم وخيامهم ( بيوتهم ) المزركشة بألوان الطبيعة التي إكتسب َ فيها كلّ ُ لون بمعان ٍ ودلالات ٍ إجتماعية لازالت حاضره في العقل الجمعي التركي الى يومنا هذا ... !! ... ( أنظر – الألوان في تاريخ الأتراك – دكتور جواد هيئت – مجلة وارليق – ص 3 – طهران ) بالإضافة الى ملحمة ( ده ده قورقوت – حكاية بايندرخان ) ... أو من خلال إنقاذه لأرواحهم كوسيط مجازي يقارب ُ الأرواح المقدسة أي ( الأولياء الصالحون ) في المرحلتين معا ً .. ولا ننسى بهذا الصدد بأن من ديدن ِ بعض الشعوب والأقوام قاطبة ً المغالاة في تقديس ِ الإعتقادات الدينية و الدنيوية تصل الى درجة ِعبادة الطوطم أو الإعتقاد بالتحويرات والحلول الجسدية في الحياة أو بعد الموت التي تأخذ شكل َ الرمز المقدّس كما عند قبائل المغول والهنود الحمر بصدد الذئب ، أي توقف تلك الأقوام بالمرحلة الشامانية

وعدم تجاوزها وهذه الحالة الإستثنائية لم تحصل إطلاقا ً مع الشعوب التركية التي حافظت على حدود ِ الرمز و المجاز و تجاوزت مرحلة الحلول بعيدا ً عن المغالاة التي طرأت على جميع ِ الأديان و الإعتقادات ِ المقدّسة من الهندوس الى المانويين وأصحابي الكتب السماوية على حدٍّ سواء من خلال ِ الفرق والنحل والمذاهب والكهنة والطرائق الصوفية المتنوعة التي ألّهت أولياء َ الله ، في حين أبقى البحث العلمي والمنطقي الديني والعلماني حدودا ً بين الأولياء والرسل والأنبياء كما حصل مع شخصية ( ده ده قورقوت ) التركية التي لا أستثني نفسي من الإعتقاد المنطقي بأنه كان وليا ً صالحا ً قارب َ النبؤة في التأريخ ، وقد كتب الدكتور ( حميد نقطي ) قصيدته الطويلة ( الظل ) محقا ً بهذا الصدد ..

ُأنزلت ستائرُ الأصوات كلها
فإصفرّت الأوراد ُ وذبلت
وتسامى الضبابُ فانمحت آثارُنا كلّها
و تلاشت الأبعاد ُ في الآفاق
و هبطت علينا ليال بلا أسحار
بلا أقمار .. بلا نجوم
ففي ذلك الليل ُ الطويل البهيم
وفي تلك اللحظات الخانقة
هبّت نسائم ُ السحر ِ فوق َ هامة ِ الظلام
ومن آثار ِ غبار القوافل
ترآءت لي من بعيد
ظلال ُ جدّي ( قورقوت آتا )
أحاسيس ٌ غريبة ملأت قلبي الواجف
دنا الظلّ ُ منّي
وتهامس َ كالنسيم في ُأذني
يا بُني .. إحفظ ْ رَسمي
وفي الزمن ِ العصيب
إهتف بإسمي ... !!

[ حميد نطقي – الكونفرس العالمي في ذكرى ملحمة ( ده ده قورقوت ) – باكو ]

ولم يكن إتخاذ ُ الذئب كرمز مقدّس في حياة الأتراك إعتباطا ً وبدون دراية وإلمام لعادات ِ هذا المخلوق كمرادف ٍ موضوعي لعادات الأتراك وتكوينهم الإجتماعي ، ومن أهم هذه المرادفات الموضوعية بين الذئاب وبين الأتراك في بيئتهم القديمة هي معيشة ُ الذئاب في تجمعات إجتماعية متماسكة وهم من أكثر المخلوقات إلتصاقا ً بتجمعاتهم العرقيّة تماما ً مثل ( القبائل والأفخاذ ) التركية القديمة ، وإن هذه التجمعات الذئبية لا تقرب إلا فريستَها الحيّة (صيدها و قنصَها عند الأتراك ) ولا تتناول الجيفة َ مثل الضباع وبقية ذوات الأنياب ، بالإضافة الى وفاء الذئاب لإناثها الذي يصل الى حدِّ عدم الإقتران ِ بالأخرى بعد موت إناثها وهذه الخاصية ُ النادرة نلمسُها عند الأتراك من خلال عشرات الحكايات القديمة التي تحمل توقيرا ً خاصا ً للنساء ، ناهيك عن إضافة ِ أهم خاصيّة عند الذئاب والتجمعات التركية القديمة وهي قوة الشكيمة و تحمل ّ المشاق في ظروف طبيعية قاسية و موحشة ...

كل هذه الصفات القريبة الى البيئة القديمة للأتراك ولتكوينهم الإجتماعي والنفسي حدّدت أساس التعامل مع هذا الرمز ( الذئب ) البالغ المعاني والدلالات والذي لازال الأتراك ُ ، بتعدد مواقعهم الجغرافية وظروفهم الإجتماعية ، يسمعون عوائََه النائي يخترق ُ دواخلهم من قرون ٍ عديدة متوّجا ً بصيحات ِ أسلافهم الهادرة في أساطيرِهم و ملاحمهم و حكاياتهم وأمثالهم و عاداتهم الشعبية الموغلة في القدم ..

بو قالا بيزيم قالا هذه القلعة ُ قلعتنا
قالديقچا بيزيم قالا و سوف تبقى لنا
قورماديم أوزوم قالام ما بنيتُها لبقائي أنا
قوردوم گي إيزيم قالا بل لبقاء ِ آثاري

لقد إنتقلَ رمزُ الذئب في حلولهِ المعنوي الى الأتراك ِ و نسلِهم بمعناه المجازي العميق والمفعّم بالتجلّي والتجسيد الحيّ الى جميع ِ القبائل التركية قاطبة ً وبإضافات ميثولوجية رهيفة أشبه بالترابط ِ المعنوي لسمات ِ البيئات التركية ، وهي ليست إنتقالة ٌ طوطميّة تعبّدية أو حلولية جسدية شامانية في تحولات الإنسان الى الرمز كما عند قبائل المغول مثلا ً ، كما إنها ليست إنتقالة ٌ جسديّة بايولوجية في كل الآحوال كما يحلو لبعض ِ المتثاقفين المتزمتين دينيا ً في عراقنا المنكوب تصويرها لخداع ِ بطانتهم الجهلة والذين إنبرى أحدُهم وكتب مقالة طنّانة ومخادعة بأن ( الأتراك ليسوا من أصل الحيوان ) ردا ً على الكاتب ( أوزده مير هورموزلو ) وكان صاحب الرد أجهل ما يكون بأن شعوب َ العالم برمتها قد مرّت بالمراحل التأريخية التي ذكرناها في تطورها الحضاري والتي كانت تحمل إعتقادات بدائية أثبتت علمُ الجدل التأريخي بأنها لا تتعارض إطلاقا ً مع الأساطيرِ الخيالية والخوارق ِ الموجودة في الكتب المقدسة لا بل إن أساطير الكتب المقدسة هي إمتداد للميثولوجيات الرافدينيّة وبالأدق السومرية التركمانية كملحمة جلجامش و حكايات الطوفان والخليقة و آدابا و نزول آدم الى جنّة ِ عدن ولعشرات القصص الأسطورية التي تزخر بها التوراة ( الوسيط الأهم ) في إنتقال ِ هذه القصص الى الكتب المقدسة الأخرى ، ولكن العقلية المحنّطة في مشرزع الجدل التأريخي لا ترى تأريخ آلاف السنين من الإنجاز الإبداعي للشعوب الا من التابوات ِ المحرّمة و إن التأريخ لا يبدأ إلا مع الإسلام وهي تحاول بدجلها الطائفي أن تلغي الشخصية القومية و التأريخية للانسان التركي لتعزز في خواصره لاحقا ً إسفين الطائفية البغيضة التي لا تستقيم في عصرِنا الحالي مع أي منطق ٍ إنساني سليم ... !!

لقد حققَ الإنسان التركي فكرةَ َ ( التوحيد ) قبل أكثر من ألفي عام من ظهورها في الجزيرة العربية التي كانت آنذاك غارقة بعبادة ِ الأوثان كمرحلة وُلدت من رحم الطوطم ( الناقة ) او ( الفرس ) .. ( راجع أسباب حروب الداحس والغبراء و حرب البسوس ) التي خصّتها الكُتّاب العرب بدراساتٍ ونتاجات ٍ فكرية و أدبية عميقة لم يجرؤ أيّ رئيس حزب طائفي تركماني غلى إتهامِهم بأن العرب َ ليسوا من أصل ( الناقة ) أو ( نِسرا ) ...!!

والغريب بأن المجتمعات التركية القديمة ، وتحديدا ً في مرحلة ِ إكتشافها الشخصية القومية بمعناها الأقدم من ظهور ( الفكرة السياسية القومية ) في أوروبا ، قد رَفدت بكل جدارة الكتبَ المقدسة بإعتقادات لازال المختصّون بتأريخ الأبحاث الدينيّة حائرون أمام تصنيفِها تأريخيا ً حتى هذه اللحظة ( أنظر – آثار ُ حكاياتنا في الميثولوجيا الدينيّة – مجلّة ديلماج ص ( 35 ) – سيف الدين آلتايلي ) .. ( وأنظر أيضا ً – ملحمة ده ده قورقوت – ح – أحمد أنقرة ص - ( 84 ) – الوقف الديني )

المهم ... إن الشعوب َ والقبائل التركية في مساهمتِها الغنيّة بالميثولوجيا الإنسانية لم يقولوا بأنهم من أصل ( الحيوان ) بل أقرنوا إعتقاداتهم القديمة بقدسية ِ الجبال السامقة وبالنار ِ والشجر ِ والماء ِ والأرض والسماء بالوسيط الرمزي والمجازي ( الذئب ) أو ( الشامان ) أو ( باخشي ) أو ( أوزان ) أو ( قام ) ، وكل هذه الاسماء هي أسماء الوسطاء المجازيين مع الموجودات المقدسة وهي لا تتعارض إطلاقا ً مع ( الأولياء الصالحين الحاليين ) كوسطاء بين الإنسان و ربه ِ الأوحد ( گوك تانرىٌ ) الذي أطلقَ عليه الأتراك ُ في قاموسهم اللّغوي أكثر من إسم بخلاف ِ بقية الشعوب مثل ( تانرىٌ ) و ( باي أولگن ) و( تنكره ) و ( تانكرىٌ – عند السومريين ) و ( ك*********اخان ) ...

... فمن لا تعجُبه حقيقةُ هذا الرمز المعنوي عند أسلاف ِ الأتراك ، كوسيط بينهم وبين الأرواح المقدّسة ، فليخترْ له ( حيوانا ً ) آخر يلائِمه في الخبث ِ و خداع ِ الناس ...!!

( 2 ) معلومات تأريخية عن منشأ هذا الرمز

لقد توافرت معلومات تأريخية قيّمة عن منشأ الإعتقاد بهذا الرمز التأريخي ( الذئب ) عند الباحثين الأوروپيين والآسيويين على حدٍّ سواء وذلك بالإستنادِ الى الأوابد الحجرية المنقوشة في المصادر التركيّة و الصينيّة الزاخرة بالمعلومات الواسعة إضافة ً الى المصادر الإسلامية عن ماهيّةِ هذا الإعتقاد والدلالة التي نقدم جزءا ً منها بهذه العجالة كما يلي .. :

( 1 ) القسمُ الشرقي من الآبدة ِ الحجرية الأورخونية التي تنصّ ُ على ما يلي :

[ لقد وهب َ الربّ ُ ( گوك – تانرىٌ ) قوة ً عظيمة لجحافل ِ والدي ( كاخان ) الذين يشبهون ( الذئاب ) ليصدّوا أعدائَهم الذين يشبهون ( الخراف ) ... ]

( الجبهة الشرقية لأوابد أورخون )

( 2 ) المصادر الصينيّة ..

[ عندما أصبح َ – كائون – مون – التركي حاكما ً على القبيلة ِ التركية ( وو – صون ) Wu- Sun ) ) .. شنَّ أمبراطور قبائل الهون حرباً عليه ِ و قتلَ كلَّ أفراد ِ عائلته و حاشيته ولم ينجو من هذه الحرب الضروس إلا إبنه الرضيع الذي بدأ يحبو بين السهوب ِ والوديان هائما ً على وجههِ حتى صادَفه ُ طيرٌ أخذ َ يلقمه ُ قِطع َ اللحم ِ بمنقاره ِ كلَّ يوم ، في حين بدأت ذئبة ٌ هائلة ترضعه ُ من حليبها حتى تسامق َ عودُه الفارع ، فسمع به حاكم ُ قبائل الهون الذي إعتقد َ بقدراته ِ و طالعه ( المقدّس ) فتبنّاه ُ في قصره فتمكن ذلك الصبي الخارق من إستعادة ِ أملاك ِ والده المقتول و إستعادة ِ إعتباره ِ بين القبائل ... !! ]

( 3 ) المصادر الصينيّة مرة ً اخرى ... ( الميثولوجيا ) ...

[ كان الصينيون ُيطلقون على القبائل التركية الساكنة في آسيا الوسطى ، وتحديدا ًبين أقوام ِ
( ژوان –ژوان ) و قبائل الهون إسم َ ( كو - چي ) – (koo – Ci ) الذي يعني أصحابي ( العربات ) ذات الخيول ِ المطهّمة ِ ، وهذه القبائل تأريخيا ًهم الأسلاف الحقيقيون لقبائل ( گوك – تورك ) الذين بنوا دولة َ ( الأيغور ) التي لعبت دورَها الهام في مسرح ِ التأريخ فيما بعد ، و الجدير ُ بالذكر في هذا الصدد بأن ّ إعتقادات قبائل – گوك تورك – حول الذئب لم تكن إعتقادا ً طوطميا ً بل رمزا ً ( symbol ) حيّا ً في أذهان ِ أسلافهم القدامى لم ترق َ إطلاقا ً الى معاني درجات العبادة ِ والتعبّد والتقرّب ِ بالصلاة ِ الروحاني ...

وفي ميثولوجيا هذه القبائل التركية ( گوك – تورك ) بأنهم دخلوا معركة ً خاسرة مع جيرانِهم الصينيين فأُبيد ضرعُهم وزرعهم و نسلهم ولم يبقَ منهم إلا طفل ٌ رضيع نجا من هذا الدمار الشامل ، مقطوع ّ اليدين والرجلين ِ و مطروحا ً بداخل ِ أجَمة ٍ كثيفة ، فإقتربت منه ذئبة ٌ شاردة أخذت ترضعُه من حليبها و تدافع عنه من هجمات ِ الضواري حتى شبَّ عن الطوق ، فسمع عنه الآعداء ُ التقليديون للأتراك وهم قبائل دولة ( لين ) المشهورة فجهزوا جيشا ً جرارا ً لأجل خطفه ِ و أسره ِ فعرفت الذئبة ُ بهذا الخبر فتمكنت من أخذه الى مكمن ٍ آمنمن عيون الأعداء ( وقد إقتبس الرومان قصة هذه الذئبة لبُناة ِ دولة روما – انظر تمثال الكابيتول المشهورة ) وكان إعتقاد قسم من قبائل گوك – تورك بأن للذئب قدرات ٌ هائلة بالإتصال مع الارواح الخيّرة فإعتبروه ( وسيطا ً ) و سبيلا ً للوصول الى هذا الهدف السامي .. ومن الممكن ِ هنا إضافة نقطة ٍ جوهرية بهذا الإعتقاد في تأريخ الشعوب البدائية التي مرّت من عصر ِ الطوطم الى الإعتقاد ِ الشاماني كمرحلة ٍ في الإعتقاد متطورة نسبيا ً تستمر ُ في إيمانِ بعض الشعوب الأفريقية والهندية والأزتيكية و هنود الحمر الى يومنا هذا .. !! ]

( 4 ) ملحمة الولادة الأغوزيّة في كتابات ِ قبائل الأيغور ..

[ يوما ً ما .. غمرت السعادة ُ قلب َ ( كاغان القمر ) – ( آي – كاغان ) عندما أنجبت له زوجتُه طفلا ً جميلا ً أسود ُ العينين و الشَعر و ذو حاجبين دقيقين يشبه الجان و الحواري فلم يَرضَع من ثدي أمه إلاّ مرة ً واحدة أخذ َ بعدها يطلب ُ أنواع الطعام والشراب و يتناقش في أمورِ الحياة مع كبارِ السنِّ وهو في ( المهد ِ صبيّا ) ، فكانت قدماه تشبهُ أقدام َ الثيران ( الحلول الشاماني ) و ساعداه ُ الغليظان وظهره ُ القوي يشبه ُ سواعد َ ( الذئاب ) و متونها ، وصدره ُ الواسع يشبه ُ صدور َ الدببة ِ ( الميثولوجيا الأغوزية من ص – 16 ال ص – 79 ) .. وقد ترجمت هذه الملحمة الى اللغة الفارسية بالمصادر الاسلامية كالتالي :

( آن بچه پستان مادر گرفته شير خورد چون يك ساله شُد بغايت ِ پاگيزه و خوب ِ صورت بوده و آثار ِ رُشد ُ و هدايت أز ناصيت أو برمى تافت ... ) (جامع ُ التواريخ – خواجه رشيدالدين – ص – 92 ) ]

( 5 ) الخاقان الأغوزي يغزو قبائل ( ايديل ) ...

( كان جيران ُ مملكة الأغوز يتعالون على الخاقان الأغوزي فجهّز هذا الأخير جنودَه ليهاجم َ ( أوروم كاغان ) حتى وصل الى سفوح ِ جبال ( موز داغي ) فتاه َ عند سفوح ِ تلك الجبال و نصبَ خيمتَه و خيام َ جنوده المدججين بالسلاح ثم غرق َ في رؤيا عميقة ، فكانت خيوط ُ الفجر الأزرق على وشك ِ الإنبلاج حين وَلج َ لخيمتِه ضياء ٌ باهر يحيط ُ هامة َ ( ذئب ) فَحل ذو فروة ٍ ضاربة ٍ الى لون ِ الشفق ِ الأزرق ، فخاطب َ الذئب خاقان َ الأغوز الأكبر قائلا ً ... ( إتبعني يا أغوز خان ، فسوف أدّلكم على ما تبغون و ما تبغي جحافلكُم .. ) وقد عُرف هذا الذئب ُ في تأريخ ِ الأتراك بإسم ( الذئب الأغبر ) – ( بوز قورت ) كما إستقرأ بعض ُ الباحثين بأن المتاهة َ هنا التي إعترضت طريق َ الخاقان الأكبر ليست متاهة ٌ جغرافية فحسب بل متاهة ٌ روحيّة و ضياع ٌ معنوي ( تَوسط َ ) الذئب ُ بالقيام ِ بهذه المهمّة النبيلة ، وقد عُرف في تأريخ أتراك الأيغور بنفس الحكاية ولكنهم بعد إعتناقهم الديانة المانويّة تحورت لديهم ملحمة الولادة الأغوزية السابقة وبالأخص في ملحمة ( بوغو كاغان ) ، وفي حكاية ( الأغوز التسعة ) الأيغورية بالذات ، بفارق ٍ يفيد ُ بأن الذي أنقذ َ الرضيع َ المقطوع َ اليدين و الرجلين لم يكن ذئبا ً أو ذئبة ً بل ( راهبا ً ) مانويّا ً تبناه في الدير ... !!

وفي ملاحم الأتراك ( الياقوتيون ) نجد ( الأغوز التسعة ) المولودين من الأرواح المقدّسة كانوا كلهم يشبهون ( الذئاب ) ، وهنا أيضا ً يمكن إستقراء الحلول الشاماني بمعناه المجازي أي القوّة والإستعداد الفطري لمواجهة الصعاب بعيدا ً عن معاني الإنجاب البايولوجي ..

وفي ملاحم قبائل الأغوز حكاية على جانب كبير من الأهمية عند المختصّين بميثولوجيا الشعوب وميراثها من حيث تداخلها مع حكايات وردت في الكتب السماوية ( كما لمسنا تقاطعا ً واضحا ً بين ملحمة الولادة الأغوزية وولادة يسوع ) منها قصة النبي سليمان و حكاية يوسف ابن يعقوب ، وهذه الحكاية تسرد ُ قصة الخاقان ( گول – أرگين ) و إبنه ( تومان خاقان ) الذي كان يعرف ُ لغة الطيور و الحيوانات مثل الحكيم سليمان ، فإستمع َ ذات َ يوم ٍ الى حديث ٍ جرى بين ذئب ٍ عجوز وثلاثة ذئاب أغرار في مقتبل أعمارهم ، فاشتكى الذئبُ العجوز للذئاب الثلاثة محنتَه في العجز و الشيخوخة وذلك لعدم قدرتِه على الصيد والأكل لتساقط أنيابه فخاطبه ُ الذئاب الأغرار بالتوقير وبلقب سلطان الذئاب العجوز وبنبؤة ٍ خارقة عن طوفان ٍ عات ٍ و ظلام وجوع سوف يحل ّ في مملكة الذئاب إذا لم يبادر الذئب ُالعجوزفورا ًالى أكل ِبطن ( بقرة ٍ عجفاء ) وذيلها ليصدّ الكارثة الآتية الى سلطنتِه ..

كما ورد في الملحمة القيرغيزية المشهورة ( ماناس ) حكاية عن الخاقان الخمسين من أصل المائة الذي تبؤها الخاقان ( گوك - چون ) والذي كان إبنه ُ و إبن ( ماناس خان ) يخاطبان والديهما بلقب ( گوك – بؤرو ) و كلمة ( بؤرو ) هنا تعني ( الذئب ) وهي إشارة الى صفات ِ القوة والقدرة ، ولعلنا لا ننسى بهذا الصدد لقب َ مجدّد مدينة ( أربيل ) في العراق ومصلحها الكبير ( مظفرالدين - گوك بؤرو ) ... كما تجدر الإشارة ُ أيضا ً الى رائعة ِ الروائي التركي ( القيرغيزي ) جنكيز آيتماتوف الذي وظّف بتقنيّة فنيّة عالية حكاية َ
( بوز قورت ) في رائعته الروائية ( السفينة البيضاء ) التي أثارت جدلا ً سياسيا ً واسعا ً بين أوساط الكتّاب السوفييت المتزمّتون أو الشيوعيون الأصوليّون ، ( تيمّنا ً بالإسلاميين في
حلولهم الشاماني المؤدلج ) والذين إتهموا المؤلف بالرجوع الى الجذر القومي في هذه الرواية على الرغم من إستبدال المؤلف إسم الذئب في حكايات الجدة ِ الى إسم ( آيل ) تحاشيا ًللعقاب ِ السايبيري ... !!

كما يمكن هنا إيراد حكايات ملحمة ( ده ده قورقوت ) و تحديدا ً حكاية ( بامسي بيرك ) و قصة ( باي – بؤره ) التي تعني ( الأب – الذئب ) و إبنه ( بوز – أوغلان ) أي ( الولد – الأغبر ) وهي إيماءة ٌ واضحة للذئب الأغبرفي حلوله ِالرمزي بالإنسان الأغوزي التركي ...

كما يمكننا إعادة ُ التذكير ، وللإعادة إفادة ، بأن قبائل المغول وحدهم الذين تمركزوا في دائرة ِ التجلّي والحلول الشاماني ولم يتجاوزوها رغم إعتقاداتهم الدينيّة المتنوعة ، إذ بقيت في ( التأريخ السرّي ) لقبائل المغول قدسية ُ الذئب على شكل ِ ضياء ٍ أزرق دخل الى خيمة ( آلان – قووان ) والدة جنكيزخان كروح مقدسة تناسلت منها قبائلُ المغول ، وقد أنتج اليابانيون فلما ً رائعا ً عن حياة ِ جنكيزخان إستند َ على وثائق تأريخية و ميثولوجية هامة عن إعتقادات المغول في التحوّل و الحلول الشاماني و خاصة ً في مشهد ٍ أخّاذ يخاطب فيه جنكيزخان شامانيا ً حكيما ً طاعنا ً بالسن ...

- ُقل لي أيها الحكيم .. كيف أعرف ُ بأنني مغوليّ ٌ أصيل ...؟؟

فيجاوبهُ الشاماني العجوز قائلا ..

- عندما تصبح ُ في شيخوختك ( ذئبا ً) ... !!

وكان هذا الخطاب ُ المغولي قمّة ٌ في التجلّي و التحوّل الشاماني الذي أضفى للذئب ِ صفة ً كان الأتراك ُ قاطبة ً يؤمنون َ بها وهي .. الخلود والسرمديّة .. والتي خَتمها تركمان ُ العراق بمثلِهم الشعبي الحاسم ..

( قورتتان قيامتَه قالير )

اي ( يبقى مع الذئبِ الى القيامة )


( 3 ) الذئب في الطقس الإجتماعي والأمثالِ التركية

لازال الذئب في الطقوس الشعبية والأمثال التركية يحتل موقعا ً بارزا ً وملفتا ً للنظر يحتاج ُ الى مسح ٍ فولكلوري شامل في مختلف ِ مناطق تواجدهم الاجتماعي ، كما يحتاج الى دراسةٍ علمية حقيقية لمنابع ِ هذا الإعتقاد و جذورها الـتأريخية وصولا ً الى صورة ٍ مقارنة ومدعومة بالصور ِ والأفلام والوثائق لأرشفة ِ هذه العادات الإجتماعية في متاحف ٍ خاصة بمناطق تواجد ِ الناطقين باللغة التركية وذلك لإستكمال ِ الصورة الواقعية للوحدة ِ الإجتماعية لماهية ِ الشعوب التركية بشَقـّيْـها الأغوزي والخاقاني و بلهجاتها المتفرعة من هذين الشقـَّين ، ومن هذه العادات والإعتقادات الشائعة في مختلف مناطق آذربيجان ، الشمالية والجنوبية ، على حدٍّ سواء وعند ( الكازاخ ) والتركمان والقرغيز بأنهم يأخذون القائمة َ اليمنى بالذات من أرجل ِ الذئب بعد قطعها ليمسِدوها فوق ظهر ِ المريض إعتقادا ً لشفائه من المرض ، كما تحضُنها الأمهات ُ المنضوبات ِ حليبهن فوق صدورهن إعتقادا ً منهن بإزدياد ِ الحليب ، وهذه العادة تشمل ُ أيضا ً الحيوانات العليلة والمنضوبة حليبها بالإضافة الى قيام ِ الأمهات بخياطة ِ عظمة الذئب ( آشيق ) فوق صدور ِ أطفالهن و تعليقها على مهودهم لإبعاد ِ الحسد ِ والنظر الشرير ِ في مختلف ِ مناطق و قرى الأتراك ،ولازالت في ( الأناضول ) عادة الإحتفاظ بعظمة الذئب في أكياس ِ النقود شائعة وذلك لإستجلاب ِ البركة والخير ناهيك َ عن عادة ِ الاحتفاظ بناب ِ الذئب في الجيوب لإبعاد ِ الشرور والكوابيس المرعبة ، كما تبادر النسوة ُ الصبايا في قيرغيزيا و عند أتراك ( القاقاوز ) في مولدافيا الى تجفيف ِ عين الذئب و طحنها بعد اليباس لإستعمالها في كحل ِ العيون إيمانا ً منهن بإتساع ِ الحَدقة وتكثير ِ الضياء واللمعان في العيون ، ومن العادات التركية الشائعة قديما ً تحنيط رأس الذئب أو جمجمة الرأس وتعليقها فوق مدخل البيوت أو الغرف أو تعليقِ قائمته اليمنى على الحائط ، كما أطلق الأتراك إسم ( الذئب ) على الكثير من الميادين والمحلات والقرى والقصبات والجبال والوديان في تضاريسهم الجغرافية بالإضافة الى أسمائهم الشخصية وألقابهم منها على سبيل المثال :

( ميدان الذئب – قورت ميدانىٌ – تبريز - )
(وادي الذئب – قورت دره سىٌ – أناضول - )
( محلة الذئب – قورت محله سىٌ – خوي - )
( وادي الذئب – قورت دره سى – آذربيجان - )
( وادي الذئب – قورت دره سى – سالماس - )
( تلّة ُ الذئب – قورت تپه سى – هشترىٌ - )
( نهر الذئب – قورت چايىٌ – سالماس - )
( صخرة ُ الذئب – قورت قايه سى ٌ – هشترىٌ - )
( الذئبيّة – قورتلوجا – مشكين شهر - )

بإضافة الى تزاحم صور الذئب في الأعلام والبيارق التركية القديمة منها الاعلام التي كانت مرفوعة فوق خيام ِ قبيلة ( گوك – تورك ) و أحفادهم قبائل الأيغور الذين خاطوا رأسَ الذئب فوق بيارقهم رمزا ً للإستبسال ِ والمبارزة ، كما إختص ّ أتراك ُ ( القاقاوز ) المولدافيين أحفاد ُ أتراك الأغوز المنسوبين للديانة المسيحيّة وفي مدينة ( بوجاق ) بالذات بإستخدام اللون الأزرق في بيارقهم يتوسطها هلال ٌ أبيض في داخله رأس ذئب أحمر اللون ، كما يحتوي عَلمُ المسلمين الجيجان اللون َ الأخضر والأحمر والأبيض تتوسطهُ دائرة ٌ في داخلها صورة ذئب رابض محاط بالنجوم التسعة ...
( أنظر – ميثولوجيا الذئب – حسن پناهي – مجلة ديلماج – ص – 72 – 73 - )

كما حوت الأمثال والحِكم المنقولة من ميراث الأجداد صورا ً بليغة عن سجايا الذئب بإشارات زاخرة بالدلالات والرموز لازالت حاضرة في أذهان الشعب التركي منها ...

( قورت قومشوسون تالاماز – آنا دولو آتالارسوزىٌ )
أي ( الذئب لا ينهب ُ جيرانَه – مثل شعبي من الأناضول )

( إيتين ييه سىٌ بار ، قورتون تانرسىٌ – قيرغيز آتالارسوزىٌ )
أي ( للكلب ِ صاحب وللذئب ربّ – مَثل من قيرغيزيا )

( قورت قونشوسون ييمه ز – قيرغيز آتالارسوزىٌ )
أي ( الذئبُ لا يأكل جيرانَه – مَثل من قيرغيزيا )

( بو گون قورت أوزو گورموشم – آذربيجان آتالارسوزىٌ – أييمسه مك )
أي ( اليوم َ أبصرتُ وجه َ الذئب – مثل آذربيجاني – يُقال للتفاءل )

( بو گون قورت آولويوب – آذربيجان آتالارسوزىٌ – گيف و أييمسه مك )
أي ( اليوم َ صادَ ذئبا ً – مثل آذربيجاني للفرح والتفاءل )

( قورت أوره گىٌ ييئب – آذربيجان آتالارسوزىٌ – إيگيدليك )
أي ( آكلٌ قلبَ الذئب – مثل آذربيجاني – للشجاعة والإقدام )

( قورتتان قورت دوغار – آذربيجان آتالارسوزىٌ – دوغال إيگيدليك )
أي ( لا يلد ُ الذئب ُ إلاّ ذئبا ً – مثل آذربيجاني – للشجاعة الفطرية )

( قورتتان قيامته قالير – توركمان آتالارسوزىٌ – أولومسبزليك )
أي ( يبقى مع الذئب الى القيامة ) مثل تركماني – للخلود )

( قورتلار بالاليير – بودييم توركمان و آذربيجان إيلينده أوزه ليگله بهار فصليندا ياغيش ياغاندا هوا گونشلى أولورسا دييلير ...)

أي ( الذئاب تتوالد الآن – هذا المثل يحمل إعتقادا ً بين التركمان والآذريين وخصوصا ً حين تسطع ُ الشمس مع أوان هطول ِ المطر في فصل الربيع )

المهم في هذا السرد التأريخي عن الذئب ، بأن المجتمعات الإنسانية قاطبة ً تحاول الوصول بالدراسات الأنثروبولوجية و بإعتقادات الشعوب الميثولوجية الى الثيمات الاساسية لعناصر التكوين النفسي والسلوكي في المحمولات ِالتأريخية التي تؤ ّطر الشخصية الإنسانية و خصوصيّاتها على نحو ٍ يزداد ُ فيه خطاب ُ التقارب بين الشعوب من خلال ِ نقاط ِ الإلتقاء التأريخي الجدلي الذي يصبّ ُ بالنتيجة الى إغناء ِ الجذر التأريخي للثقافة الإنسانية الحالية التي تعكس ُ مستقبلا ً حالات َ سوء ِ تفاهم أقل و صراع ٍ و حروب ٍ أضئل بين البشر ، كما أن هذه الدراسات التي أصبحت لها الآن حقول ٌ وفروع في المؤسسات التعليميّة والثقافية في مختلف ِ أنحاء العالم تحاول ُ أيضا ً الوصول الى الاختلاف ِالكامن بين التراث و الموروث الشعبي على إعتبار ِ بأن التراث يشكِّل جوهر َ الميراث الإنساني وضميرَ الأمّة التي تغني الثقافة َ الإنسانية بينما يظل الموروث الشعبي في كل ِّ المجتمعات خاضعا ً لتراكمات ِ أخيله شعبية تضفي للموروث طابع ّ الخوارق و أحيانا ً طابع َ السِحر والخزعبلات عن العفاريت والجان والمردة والسعالي والطناطل والتي تقوم الوسطاءُ المشعوذين وفتّاحي الفأل والسَحرة و كتّاب ُ التمائم والتعاويذ والأدعية وممثلي بعض الأديان الجَهلة على ترويجها و ترسيخها و تطعيمها بالخرافات في أذهان العامة البسطاء و خصوصا ً في البيئات الشعبية الفقيرة وفي القرى والأرياف ، بينما تنحو الدراسات ُ العلمية و المنهجيّة الى تناول ِ التراث القومي الإنساني بمعناه الأشمل في مراحله التأريخية التي إنعكست بالملاحم والآداب والفنون وتمحورت في تلك المراحل من خلال ِ مجازات ٍ محوريّة في إعتقادات الشعوب ومسيرتها التأريخية التي لا يمكن ُ إلغائُها من سياق التفكير الجدلي التأريخي ولا يمكن أيضا ً فصلُها من سياق ِ المراحل المحوريّة التي تأخذ شكل َ اللولب صعودا ً الى مراحل ٍ حضارية أرقى و أطوَر .. فكيف يمكن الغاء الميراث الروماني والأغريقي أو الدراسات اللاتينية الحافلة بأسماء الفلاسفة والأدباء والمسرحيين والفنّانين والمعماريين والخطباء والملاحم الانسانية
ومرحلة ِ الحضارة الهيلنية بمجرد ِ إخضاعها للمنظور الديني المسيحي في حين أثبتت الشعوب الأوروپية تأسيسَها المدني والحضاري على إستنادها للحضارة الأغريقية والرومانية في مرحلة النهضة في القرون الوسطى ( رينسانس ) ... كما لايمكن إسقاط

الذئبة الكابيتولينية (باللاتينية: Lupa Capitolina) وهي ترضع رومولوس ورموس في متحف الكابيلوتين، روما. منحوتة

المرحلة الغنيّة بالأدب والشعر واللغة وبالحركات الاجتماعية والطبقية والفكرية الموسومة ب( الجاهلية ) من سياق ِ مراحل الفكر العربي قبل الاسلام ..

وأخيرا ً ... إن الأتراك ، بدولهم المتعددة ، آخذين الآن بزمام المبادرة الحضارية للوصول الى غايات ٍ إنسانية سامية و ذلك بتنوع أقاليمهم الجغرافية التي أنجزت بجدارة مرحلة َ التحرر القومي من مختلف ِ أشكال الهيمنة والاستبداد ... والآن لا يغيب عن ذاكرتِهم التأريخية إطلاقا ً ما كان لرمز ِ الذئب الذي أختاروه من سطوة ٍ و قوّة في حياتهم الماضية جعلهم متماسكين بالبُنية الداخلية بإحكام ٍ حافل ٍ بالإستعداد البطولي الخارق أمام أعتى أمبراطوريات العالم القديم بعد تحقيق ِ إستقلالهم من هيمنة ِ الجيران ، رافعين بيارقَهم التي رفرفت في داخلها صورة ُ الذئب الذي أخضع َ( التنين ّ الصيني والدبَّ الروسي والنسرَ الجرماني )... !

فاضل ناصر كركوكلي
كوتنبورك - السويد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
دفاعا عن الذئب في التاريخ التركي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التاريخ التركي قبل الاسلام - أتراك الـﮔوك تورك
» البزق التركي ( الساز )
» الرئيس التركي عبد الله جول يحتفل بزفاف ابنته
» أوجلان: إنتقلنا مع الطرف التركي الى مرحلة المفاوضات
» عبق التاريخ في بخارى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع تركمان حلب  :: مكتبتنا التركمانية-
انتقل الى: